من اجرأ وثائق تنظيم ابن السرية، التي بثتها مواقع إلكترونية تابعة بشكل أو بآخر لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، «دستور القاعدة»، الذي يتضمن لوائح وتعليمات واهداف شروط الالتحاق بالتنظيم السري، والاجازات والمعاشات والتذاكر والسفر الى البلد الام والثواب والعقاب والعهد وعقوبة ناكث العهد. وقد عثرت القوات الاميركية على تلك الوثائق في قندهار، عقب سقوط حركة طالبان الاصولية، وتشرح تفاصيل دقيقة لطريقة عمل تنظيم «القاعدة»، والنظم التي تحكمه، وتحكم العاملين فيه. والوثيقة بحد ذاتها بمثابة طلب انضمام الى «القاعدة»، لانه في الصفحة الاخيرة من الوثيقة خانات لتوقيع العضو، ليس بها تأكيد على الاسم، ولكن على الكنية، والحالة الاجتماعية والجنسية. وتركز الوثيقة على السرية المطلوبة بين الاعضاء وحسن الادب ونبذ الخصومات والتكافل واصلاح ذات البين، واجتناب اللهو والفساد وقرناء السوء، والتثبت من الاخبار: « يايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». وتطلب الوثيقة من اعضاء التنظيم السري: «عدم الحديث عن العمل المكلف به من قبل القاعدة مع الناس ولو علمت انهم من اعضاء هذه القاعدة، والشخص الوحيد الذي تتحدث معه هو اميرك المباشر». وتطالب الوثيقة الاعضاء بإشاعة الفكر الجهادي بين الاقارب والاصحاب، والصلاح في الدين واجتناب المحرمات والمحافظة على الاموال العامة للقاعدة، والمحافظة على اللياقة البدنية والتدريب العسكري، وتجنب الاختلاف والجدال في الدين بغير علم، ومسائل الخلاف ترد الى اولي العلم. ومن اهداف القاعدة المعلنة «اعادة الخلافة الاسلامية»، وميدان عمل التنظيم: «عالمية ومرحلية على حسب سياسة القاعدة». وضمن شروط الالتحاق السمع والطاعة، والمحافظة على السرية في العمل، السلامة البدنية، وعدم الجمع بين عضوية القاعدة وأي جماعة اسلامية اخرى، الا يكون المرشح متهما في دينه او عدالته او خلقه. ويمنح تنظيم «القاعدة» بحسب الوثائق اجازة دورية لمدة اسبوع لكل ثلاثة اسابيع، وللتنظيم الحق في منع العضو من الاجازات في الحالات الخاصة. وللاعزب اجازة دورية لمدة خمسة ايام لكل شهر، ويمكن منعه من الاجازات في حالات الطوارئ. ويقدم طلب الاجازة قبل السفر بشهرين ونصف الشهر. أيضا نصت عقود «القاعدة» على ضرورة الولاء التام والاخلاص حتى الموت لزعيم التنظيم بن لادن ولأفكاره في العسر والميسر والمنشط والمكره، وان يكون مجاهدا في هذا العمل اينما كان موضعه، والحفاظ على اللياقة البدنية العالية للعضو بالتدريب المستمر استعدادا ليوم تنفيذ العمليات. وكشف قيادي اصولي مقيم بلندن لـ«الشرق الاوسط» عن ان المرتبات التي كان يتلقاها اعضاء التنظيم كانت تسمى «الكفالة»، مشيرا الى انها كانت بالكاد تكفي الحياة اليومية. وقال «ان اعضاء التنظيم الذين تدربوا في معسكرات «صدى» و«الفاروق» و«بدر» و«القادسية» و«جهاد وال» في خوست، الذي قصفته القوات الاميركية بعد تفجير «القاعدة» لسفارتي اميركا في شرق افريقيا عام 1998، كانوا يعملون بجد ونشاط في تلك المعسكرات، إلا ان مرتبات «الكفالة» كانت بالكاد لسد أفواه الاطفال. وعن مشروعية العهد تقول الوثيقة هناك امور لازمة باعتبار انها واجبات شرعية، مثل الجهاد وطاعة ولي الامر، والعهد انما هي لتوكيد ما وجب من الشرع، وبناء على ذلك كما تقول الوثيقة: «فان القاعدة تأخذ عهدا على اتباعها يتضمن الالتزام بسياساتها واهدافها، ويتقدمه عهد من الامير (بن لادن) على ذلك». اما بالنسبة لناكث العهد فقد تحدثت الوثيقة عن العقاب في الدنيا والاخرة، ولم تشر الى اي عقوبات في الدنيا، واستشهدت بأحاديث وآيات قرآنية تثير الرعب في نفوس من يفكر في مغادرة التنظيم السري لابن لادن. وضمن الوثائق السرية ايضا طلب التحاق بمعسكرات بن لادن التدريبية في افغانستان، واحتوى الطلب على ضوابط وشروط عددها 13 يجب التقيد بها، حتى يسير العمل على احسن مستوى ممكن خلال فترة التدريب». وضمن الضوابط المطروحة، ملء استمارة المستجدين وكتابة كافة البيانات، والالتزام بلائحة وبرنامج المعسكر (الشرعي والعسكري والاداري). ويبدو ان كاتب استمارة شروط القبول في المعسكرات على دراية بأمور القوات المسلحة، او ربما يكون قد خدم من قبل في الجيش من اعضاء جماعة الجهاد المصرية. ويعتقد ان ابو حفص الذي كان معروفا كذلك باسمه الحركي محمد عاطف، كما كان يسمى احيانا بابو حفص الخبير او تيسير او الشيخ تيسير عبد الله او ابو خديجة، وهي ابنته التي تزوجت من احد ابناء اسامة بن لادن ويدعى حسن، بحسب مصادر الاصوليين، هو معد استمارة الالتحاق بمعسكرات بن لادن، بسبب خبراته العسكرية قبل ان يلتحق بـ«القاعدة». وقتل ابو حفص المصري بينما كان يقود مجموعة من خمسين مقاتلا بعد قصف اميركي عنيف لقندهار نهاية عام 2001. وكان ملف ابو حفص الامني نظيفا في مصر قبل ان يغادرها في نهاية الثمانينات لينضم الى الافغان العرب الذين قاتلوا ضد الاحتلال السوفياتي لافغانستان بقيادة اسامة بن لادن. وشارك في تأسيس تنظيم القاعدة وكان في البداية مسؤول أمن التنظيم نظرا للخبرة التي اكتسبها أثناء عمله ضابطا في جهاز الشرطة المصري، ثم أصبح بعد ذلك مسؤولا عن معسكرات التدريب في التنظيم بعد غرق علي أمين الرشيدي المعروف باسم أبو عبيده البنشيري في بحيرة فكتوريا بأوغندا أوائل يونيو (حزيران) 1996