بسم الله الرحمن الرحيم
من هو الشيخ جمال أبو سمهدانة .. أول قائد فصيل عسكري يتولى منصبا أمنيا في الحكومة الجد
يعد جمال أبو سمهدانة الشهير باسم "أبو عطايا" أول قائد لفصيل عسكري فلسطيني يتولى منصبا هاما في وزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطيني في الحكومة الجديدة التي شكلتها حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية .
وقد أعلن سعيد صيام وزير الداخلية اليوم الخميس عن تعيين أبو سمهدانة مراقبا عاما لوزارة الداخلية والامن الوطني برتبة عقيد .
وقالت رامتان:" يعتبر أبو سمهدانة قائد ومؤسس لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية أحد أبرز المطلوبين الفلسطينيين لدى اسرائيل خلال السنوات الأخيرة حيث تصدر اسمه دوما الترتيب الثاني في قوائم الاغتيال الإسرائيلية بعد محمد الضيف قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس .
وقد ولد جمال عطايا زايد أبو سمهدانة عام 1963م في معسكر المغازي للاجئين وسط قطاع غزة حيث قضى طفولته في المخيم الفقير مع عائلته التي اشتهرت في النضال الفلسطيني حيث اعتقل الجيش الإسرائيلي والده وأخيه عام 1970 على خلفية مقاومة الاحتلال حيث قضى والده في المعتقل الإسرائيلي خمس سنوات .
وانتقلت عائلته بعد ذلك الى مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة حيث ما يزال يعيش جمال وعائلته في المخيم الفقير ذو الكثافة السكنية العالية .
ولعل أبرز الدوافع التي جعلت جمال ذو البشرة السوداء في مواجهة يومية مع قوات الاحتلال هو انضمام أخيه صقر في صفوف الثورة الفلسطينية مع قوات التحرير الشعبي حيث أصبح مطلوباً للجيش الإسرائيلي وانتقل صقر بعدها إلى لبنان وانخرط في صفوف الثورة وظل يقاتل في صفوفها حتى قتل عام عام 1975 .
وأنهى أبو عطايا دراسته الثانوية في رفح والتحق بعدها بصفوف حركة فتح حيث كلف من قبل الحركة التي انطلقت عام 1965 بإعداد مجموعات عسكرية كما قتل أخيه طارق في انتفاضة عام 1987م حيث كان أحد النشطاء الفاعلين في حركة فتح.
وشارك في الهبة الشعبية عام 1981 التي انطلقت في قطاع غزة كما بدأ الجيش الإسرائيلي في مطاردة أبو سمهدانة عام 1982 قبل أن يتمكن من المغادرة الى جمهورية مصر العربية ومن هناك الى دمشق ثم المغرب ثم تونس حيث مكث سنتين .
وسافر أبو سمهدانة الأب لأربعة أولاد وبنت بعد ذلك الى ألمانيا حيث التحق التحقت بالكلية العسكرية هناك وتخرج منها ضابطا عام 1989 قبل أن ينتقل بعدها الى الجزائر ثم الى بغداد حيث شهد في العاصمة العراقية الغزو الامريكي وقوات التحالف لها عام 1991م .
وعقب انتهاء حرب الخليج رجع أبو عطايا إلى الجزائر وكانت المحطة الأخيرة في تنقلاته الخارجية قبل أن يعود إلى قطاع غزة في صفوف القوات الفلسطينية العائدة ضمن اتفاق أوسلو عام 1993 م على الرغم من معارضته للاتفاق الذي وقعه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وفور عودته إلى قطاع غزة عمل جمال في الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية كما نجح في انتخابات حركة فتح في رفح وفاز بعضوية إقليم رفح .
وقد عرف عن جمال في عهد السلطة الفلسطينة معارضته لسياسة السلطة الفلسطينية وخاصة التطبيع مع إسرائيل والتنسيق الأمني بين الأجهزة الامنية الفلسطينية والإسرائيلية واعتقال قادة حركة حماس والجهاد الإسلامي .
وفي تحول خطير في علاقته مع السلطة قامت الأجهزة الامنية الفلسطينية باعتقاله عام 1997 سنة وسبعة أشهر بسبب مساعدته حركة الجهاد الإسلامي في نشاطات عسكرية وعمليات نفذتها ضد أهداف إسرائيلية .
وقامت حركة فتح بعد ذلك بطرد أبو سمهدانة من صفوفها بناءً على توصية امنية عقب مشاركته في مظاهرة تحت شعار مناهضة فساد السلطة والغلاء الفاحش الناتج عن السمسرة والاستغلال السيىء للمنصب من قبل بعض رموز السلطة .
ولعل هذه الأجواء التي مر بها جمال أبو سمهدانة دفعته لاستثمار انطلاق الانتفاضة الفلسطينية ويمارس موهبته العسكرية المحبوبة حيث شكل مع بداية الانتفاضة مع عدد من القيادات العسكرية ومعظمها من المحسوبين على الأجهزة الأمنية المنتمين لحركة فتح تشكيلا عسكريا حمل اسم لجان المقاومة الشعبية .
وجمعت لجان المقاومة الشعبية التي أسسها جمال والتي شكلت جناحا عسكريا أطلقت عليه ألوية الناصر صلاح الدين عناصر نشطاء من فصائل مختلفة جلهم كان من فتح وبعضهم من حماس والجهاد الإسلامي ممن يؤمنون بالعمل المقاوم حلا للقضية الفلسطينية بعيدا عن الحلول السياسية .
ومثل العامان الأولان للانتفاضة الفلسطينية ذروة عمل لجان المقاومة الشعبية عبر أربع عمليات متتالية لتفجير الدبابة الإسرائيلية الشهيرة " الميركافاه " حيث قتل خلالها عدد كبير من الجنود الإسرائيليين الأمر الذي وضع أبو سمهدانة وقادة اللجان في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المتواصل.
وحملت إسرائيل أبو عطايا مسئولية عمليات الميركفاه وتطوير المقاومة الشعبية لصواريخ تطلقها باتجاه البلدات الإسرائيلية ووضعته في دائرة الاستهداف المتواصل حيث حاولت أكثر من أربع مرات لاغتياله على فترات مختلفة خلال الانتفاضة الفلسطينية حيث باءت جميعها بالفشل .
ويعرف عن جمال أبو سمهدانة الملتحي التزامه الديني القوي وقربه الشديد من قادة الحركات الإسلامية حيث كان أعز أصدقائه محمد الشيخ خليل قائد سرايا القدس الذراع العسكري للجهاد الاسلامي الذي اغتالته إسرائيل قبل عدة أشهر في قصف إسرائيلي لسيارته بعد أسابيع قليلة من انسحاب إسرائيل من قطاع غزة .
ويفتح تعيين أبو سمهدانة مراقبا عاما لوزارة الداخلية السؤال حول مصير لجان المقاومة الشعبية الذين قضى معظم قادتها ورموزها في عمليات اغتيال إسرائيلية خلال الانتفاضة والذين كان آخرهم أبو يوسف القوقا الرجل الثاني في التنظيم العسكري كما يثير تساؤلا حول مهام أبو سمهدانة ومستقبله الشخصي في هذا المنصب ذو المهام والمسئوليات الثقيلة في ظل هذه الاوضاع المعقدة لاسيما وأنه يتخذ اجراءات امنية مشددة وقلما يظهر على وسائل الاعلام بسبب التهديد الإسرائيلي المتواصل باستهدافه